top of page

من هو محمد صلي الله علية وسلم

هو




 


محمد بن عبد الله بن عبد المطلب صلى الله عليه وسلم



 

ولد سنة 570م وتوفي سنة 633م



 



 



 

كل
ما سيتم سرده ضمن هذه المقالة تم نقله من كتب، مخطوطات ونصوص معتمدة
بالإضافة إلى روايات نقلت عن أشخاص شهدوا الأحداث بالفعل. المراجع التي تم
الاعتماد عليها كثيرة جدا لا يتسع لنا ذكرها هنا، حفظت على مر العصور دون
أي تحريف من قبل كل من المسلمين وغير المسلمين.



 



 



 

يتسائل
الكثيرون في أيامنا هذه عن الرسول (صلي الله عليه وسلم) . من هو بالضبط؟
إلى ما كان يدعو؟ لما يحبه الكثير من الناس ولا يفعل البعض منهم؟ هل كرس
حياته من أجل الدعوة؟هل كان رجلا مقدسا؟هل كان رسولا من عند الله؟ ما هي
حقيقة هذا الرجل؟ أحكم بنفسك!



 



 



 

سنسرد ضمن النقاط التالية الحقائق التي رواها الآلاف من الناس، منهم من عاصر الرسول محمد (صلي الله عليه وسلم) وعرفه شخصيا.



 



 



 

· يعود نسبه إلى سادة مكة وأعرق قبائلها.



 

· اسمه
" محمد " مشتق من المصدر " حَمْدْ " والناس منذ زمانه وحتى هذه اللحظة
وإلى أن يرث الله الارض ومن عليها يصلون عليه مرات عديدة في اليوم واليلة –
صلى الله على محمد صلى الله عليه وسلم-



 

· لم يمارس أبدا عادات القبيلة في عبادة الأصنام والأوثان أو الآلهة التي كانوا يصنعونها بأيديهم.



 

· كان يؤمن بأن الإله المعبود هو إله واحد ويجب أن يعبد لوحده دون أي شريك.



 

· كان يجل ويوقر اسم الله ولم يتخذه ابدا هزوا أو سخريا ولم يستخدمه لأغراض أو مصالح لا جدوى منها.



 

· كان يحتقر العبادات الخاطئة وكل ما يترتب عليها من سلوكيات ومعاملات منحطة.



 

· التزم بتطبيق جميع التعاليم الدينية " تعاليم الله الواحد" كما فعل الانبياء من قبله.



 

· لم يزن قط . وكان ينصح الآخرين بعدم ارتكاب هذا الفعل المشين.



 

· كان يحرم الربى كما فعل من قبله المسيح عليه السلام بقرون.



 

· لم يقامر قط ولم يسمح بهذا الفعل.



 

· لم يشرب الخمر، مع انها كانت عادة جاهلية منتشرة بين الناس آنذاك.



 

· لم يغتب أحدا أبدا وكان يعرض عما يسمعه من غيبة ونميمة.



 

· كان دائم الصوم تقربا من الله تعالى وإعراضا عن الشهوات من حوله.



 

· قال بأن المسيح عيسى ابن مريم –عليه السلام- هو معجزة الله في خلقه وبأن أمه العذراء من بين أفضل خلق الله تعالى.



 

· أكد –عليه الصلاة والسلام- حتى ليهود المدينة بان عيسى –عليه السلام- هو المسيح الذي ذكر في التوراة.



 

· وقال بأن المعجزات التي جاء بها عيسى -عليه السلام- (من إبراء الأكمه والابرص وإحياء الموتى) هي من عند الله.



 

· كما اعلن بوضوح بأن عيسى –عليه السلام- لم يمت ، بل إن الله رفعه إلى السماء.



 

· وقد
تنبه (صلي الله عليه وسلم ) بوحي من الله، بأن المسيح سيعود آخرالأيام
ليقود المؤمنين الى النصر على أعداء الحق ويقتل المسيح الدجال.



 

· كما أمر (صلي الله عليه وسلم) بدفع الزكاة للفقراء وكان الحامي والمدافع عن الأرامل واليتامى وأبناء السبيل.



 

· وأمر بلم شمل الاسرة الواحدة وتقديس الروابط الاسرية ، كما أعاد بناء العلاقات ما بين أفراد العائلة.



 

· حث اتباعه على الارتباط بالنساء عن طريق الزواج الشرعي وحرم الزنى.



 

· أكد –عليه أفضل الصلاة والسلام- على إعطاء النساء حقوقهن من مهر وإرث وأموال....



 

· كل سلوكياته النبيلة من صبر وتواضع وغيرهما أدت الى إعتراف الجميع ممن عرفوه بخلقه الحميد والذي لا مثيل له بين البشر.



 



 



 

أ‌- لم
يكذب محمد –صلي الله عليه وسلم – قط ، لم يخن العهود ولم يشهد الزور أبدا.
كان معروفا من قبل جميع القبائل في مكة واشتهر بالصادق الأمين.



 

ب‌- لم
يزن – صلي الله عليه وسلم – أبدا، ولم تكن لديه علاقات خارج إطار الزواج
ولم يتقبل تلك الأفعال مع إنها كانت عادات منتشرة في ذلك الوقت.



 

ت‌- لم يرتبط بأي إمرأة إلا في إطار الزواج الشرعي وبوجود شهود حسب القانون.



 

ث‌- علاقته
بالسيدة عائشة – رضي الله عنها – كانت علاقة زواج شرعي عرفنا تفاصيله من
الأحاديث التي روتها السيدة عائشة كأسمى علاقة بين رجل وإمرأة مليئة بالحب
والاحترام. تعتبر السيدة عائشة إحدى أفضل من روى الأحاديث عن الرسول – صلي
الله عليه وسلم – ولم تكن يوما إلا زوجة لرسول الله ، لم تكن على علاقة
بأي رجل آخر غير الرسول ولم تقل عنه – صلي الله عليه وسلم – أي موقف سلبي
أبدا.



 

ج‌- حرم
– صلي الله عليه وسلم – القتل حتى يتبين من حكم الله في الموقف. اما
تعاليم الله بهذا الخصوص: فقد أحل الله قتل كل من يتعرض للمسلمين وللإسلام
بقتال ولكن مع المحافظة على الحدود التي بينها الله تعالى بخصوص هذا الامر.



 

ح‌- لقد حرم الإسلام قتل النفس البريئة.



 

خ‌- لم
تحدث أبدا أية إبادة جماعية لليهود. لقد طلب لهم الرسول الكريم العفو وأمن
لهم الحمايه حتى بعد أن نقضوا عهودهم معه – صلي الله عليه وسلم – عدة
مرات. ولم يتصد لهم الرسول إلا بعد أن اتضح له بإنهم خانوه وأرادوا أن
يوقعوا به وبالمسلمين. والقصاص لم يطبق إلا على الذين ثبتت خيانتهم لله
ولرسوله الكريم.



 

د‌- اشتهرت
القبائل آنذاك بتملك الخدم والعبيد إلى أن جاء الإسلام ليأمر بتحرير
الرقاب . وقد قام الرسول بتحرير الكثير من الرقاب وأمر جميع اتباعه القيام
بذلك. حتى أنه – صلي الله عليه وسلم- حرر خادمه – والذي كان بمثابة الإبن
له – زيد بن حارثة وقام ابو بكر الصديق رضي الله عنه بشراء بلال الحبشي –
أول مؤذن في الإسلام – فقط من أجل تحريره.



 

ذ‌- أما
بالنسبة للذين كانوا يحاولون النيل من الرسول وقتله، ( وأشهر حادثة هي
التي حدثت عندما نام سيدنا علي كرم الله وجهه في فراش رسول الله ليلة خروجه
إلى المدينة مع أبي بكر الصديق رضي الله عنه ) ،فلم يأمر الرسول أحدا أبدا
بمعاقبة المتورطين بمثل هذه الأفعال. وأكبر دليل على ذلك عندما دخل الرسول
وأتباعه فاتحين مكة كانت أولى أوامره لأتباعه عدم إيذاء أيا ممن كانوا
يؤذونه وصحابته ( صلي الله عليه وسلم ). تلك هي إحدى مشاهد العفو والسماح
في حياة رسولنا الكريم ( صلي الله عليه وسلم ).



 

ر‌- لم
يسمح للمسلمين بالقتال في السنوات الثلاثة عشر الأولى من الدعوة. الأمر لم
يكن متعلق بمقدرتهم على القتال لأنهم كانوا متمرسين على ذلك بسبب طبيعة
الحياة التي كانوا يعيشونها والنزاعات التي طال أمدها بين القبائل، ولكن
الامر الإلهي بالقتال لم يكن قد نزل بعد. اما بعد أن شرع الله تعالى القتال
شرع معه الواجبات والحقوق المترتبة على ذلك وبين حدود الله فيه. كانت
الاوامر الإلهية بخصوص موضوع القتال واضحة وصريحة بالنسبة لمن سيُقاتل وكيف
ومتى وما الحدود الواجب عدم تخطيها.



 

ز‌- يمنع الاسلام من تدمير البنية الأساسية منعا باتا إلا إذا أمر الله بذلك وفقا لمواقف معينة.



 

س‌-بينما
كان اعداء الإسلام يسعون إلى إيذاء الرسول بشتى الوسائل وشتمه، كان (صلي
الله عليه وسلم) يدعو لهم بالهداية. وخير دليل على ذلك رحلته ( صلي الله
عليه وسلم ) إلى الطائف والتي أُذي فيها رسول الله إيذاءا شديدا ابتداءا من
رفض مقابلته من قبل أعيان القبائل وانتهاءا بضربه وقذفه بالحجارة من قبل
الأطفال الذين خرجوا خلفه حتى أدمت قدماه الشريفتان صلى الله عليه وسلم.
وعندما نزل جبريل عليه السلام لينتقم له من أعداءه وعرض عليه ان يأمر ملك
الجبال ليطبقها عليهم، رفض ( صلي الله عليه وسلم ) ذلك ودعا لهم بالهداية
وقال " عسى أن يخرج من أصلابهم من يؤمن بالله" .كل ما اراده الرسول الكريم
هو توصيل الرسالة ولم يهتم بنفسه وبمدى الضرر الذي أصابه.



 

ش‌- وقد
قال الرسول ( صلي الله عليه وسلم ) بأن كل مولود يولد على الفطرة ( على
الإسلام : والاسلام يعني الخضوع الكامل لله واتباع أوامره ) ولكن تأثره
بالمجتمع الذي يعيش فيه والتربية التي يتلقاها تغير ما بداخله من فطرة
سليمة.



 

ص‌- علم
الرسول الكريم صحابته والمسلمين جميعا أن يعبدوا الإله الواحد إله آدم
ونوح وإبراهيم ويعقوب وموسى وداوود وسليمان وعيسى عليهم السلام جميعا وأن
يؤمنوا بهم جميعا رسل وانبياء وعبيد لله الواحد. كما اكد على احترام وتقديس
جميع الانبياء دون التفريق بينهم.



 

ض‌- كما قال بان أصول التوراة والزبور والإنجيل هي من نفس المصدر الذي أتى منه القرآن – ألا وهو الله –



 

ط‌- تنبأ الرسول – بوحي من الله – بالكثير من الاحداث وتمت بالفعل، كما أخبر عن أحداث ستحصل بالمستقبل وحدثت كذلك.



 

ظ‌- لقد
جاء في القرآن قصة غرق فرعون عندما لحق بنبي الله موسى عليه السلام وهو
خارج من مصر " اليوم ننجيك ببدنك لتكون لمن خلفك آية" وجاء العالم الفرنسي
موريس بوكاي في كتابه " الإنجيل، القرآن والعلم " ليؤكد هذه الحقيقة التي
أذهلت العالم عندما توصل من خلال التحاليل التي اجراها على مومياء "فرعون "
بأن عليها آثار ملح باقية بسبب غرقه في البحر، وهذا ما ذكره الله تعالى في
القرآن منذ أكثر من 1400 سنة.



 

ع‌- ان
احداث قصة غرق فرعون كانت قبل بعثة الرسول (صلي الله عليه وسلم) بآلاف
السنين وذكرت في القرآن الكريم ولم تظهر هذه الحقيقة للعالم إلا منذ عقود
قليلة أي بعد أكثر من 1400 سنة على نزول القرآن...فكيف للرسول أن يعلم هذا
لو لم يكن القرآن كلام الله الواحد الأحد.



 



 

أخلاقة

 

( وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ))(القلم:4


 

الذي يقرأ في سيرة الرسول ( ص ) يجد عجباً، من حسن تعامله، وجمال أسلوبه مع كافة طبقات المجتمع على سبيل العموم ، ومع أهل بيته على سبيل الخصوص ، ويكفي مصداقاً لذلك .. ثناء ربه عليه بقوله ( وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ))(القلم:4) .
تقول عائشة رضي الله عنها : ((إِنَّ خُلُقَ نَبِيِّ اللَّهِ كَانَ الْقُرْآنَ))
ولعلي أعرض لكم نماذج من معاملة النبي ( ص ) مع أهله ..من خلال النماذج التالية
تابعونى

تعامله ( ص ) مع زوجاته :
لقد كانت حياته ( ص ) في بيته وبين نسائه المثل الأعلى في المودة ، والموادعة ، وترك الكلفة ، وبذل المعونة ، واجتناب هجر الكلام ومره ، وهو الذي يقول : ((خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لأَهْلِهِ وَأَنَا خَيْرُكُمْ لأَهْلِي)) ومن خلال النصوص الشرعية يمكن أن نستقرئ ما كان يفعله ( ص )في بيته مع زوجاته :
عَنْ الأسْوَدِ قَالَ : سَأَلْتُ عَائِشَةَ رضي الله عنها : (( مَا كَانَ النَّبِيُّ ( ص ) يَصْنَعُ فِي بَيْتِهِ ؟ قَالَتْ: كَانَ يَكُونُ فِي مِهْنَةِ أَهْلِهِ - تَعْنِي خِدْمَةَ أَهْلِهِ - فَإِذَا حَضَرَتْ الصَّلاةُ خَرَجَ إِلَى الصَّلاةِ ))عن عُرْوَةَعَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا سُئِلَتْ مَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ( ص ) يَعْمَلُ فِي بَيْتِهِ ؟ قَالَتْ: ((كَانَ يَخِيطُ ثَوْبَهُ، وَيَخْصِفُ نَعْلَهُ ، وَيَعْمَلُ مَا يَعْمَلُ الرِّجَالُ فِي بُيُوتِهِمْ ))وعن عمرة عن عائشة أنها سئلت : ما كان عمل رسول الله ( ص ) في بيته ؟ قالت : ((ما كان إلا بشراً من البشر كان يفلي ثوبه ، ويحلب شاته ، ويخدم نفسه))
وعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: ((كُنْتُ أَشْرَبُ وَأَنَا حَائِضٌ ثُمَّ أُنَاوِلُهُ النَّبِيَّ ( ص ) فَيَضَعُ فَاهُ عَلَى مَوْضِعِ فِيَّ فَيَشْرَبُ ، وَأَتَعَرَّقُ الْعَرْقَ - وهو العظم الذي عليه اللحم - وَأَنَا حَائِضٌ ثُمَّ أُنَاوِلُهُ النَّبِيَّ ( ص ) فَيَضَعُ فَاهُ عَلَى مَوْضِعِ فِيَّ ))

حسن خلقه صلى الله عليه وسلم
أولًا: ترغيبه صلى الله عليه وسلم في حسن الخلق

لا يُحصَى من دخل في الإسلام بسبب خلق النبي الكريم عليه الصلاة والسلام سواء كان ذلك الخلق الحسن من: جوده أو كرمه، أو عفوه أو صفحه، أو حلمه أو أناته، أو رفقه أو صبره، أو تواضعه أو عدله، أو رحمته أو منِّه، أو شجاعته وقوته. .
وقد رغَّب النبي صلى الله عليه وسلم في حسن الخلق في مجالات عديدة منها ما يأتي:
1 - الخلق الحسن في حياة المسلم عامة، وفي حياة الدعاة إلى الله تعالى خاصة من أعظم روابط الإيمان وأعلى درجاته، لقوله صلى الله عليه وسلم: «أكمل المؤمنين إيمانًا أحسنهم خلقًا» (1).
2 - الخلق الحسن ضرورة اجتماعية لجميع المجتمعات،

وهو من أعظم المهمات التي تتعين على جميع الدعاة إلى الله تعالى؛ لأن من تخلَّق به كان من أحب الناس إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأقربهم منه مجلسًا يوم القيامة، قال صلى الله عليه وسلم: «إن من أحبكم إليَّ وأقربكم مني مجلسًا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقًا» (1).
3 - الخلق الحسن يجعل المسلم من أحسن الناس، ومن خيارهم مطلقًا، ولا يكون كذلك إلا بالتخلق بهذا الخلق العظيم، قال صلى الله عليه وسلم: «إن من خياركم أحسنكم أخلاقًا» (2).
وقد أحسن الشاعر إذ يقول:
إنما الأمم الأخلاق ما بقيت ... فإن هُمُ ذهبت أخلاقهم ذهبوا
4 - الخلق الحسن من أعظم القربات وأجلِّ العطايا والهبات، والداعية إلى الله تعالى هو من أحق الناس بهذا الخير العظيم؛ ليطبقه على نفسه، ويدعو الناس إليه؛

ليحصل على الثواب الجزيل، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: «ما شيء أثقل في ميزان المؤمن يوم القيامة من خلق حسن» (1) وقال صلى الله عليه وسلم: «إن المؤمن ليدرك بحسن خلقه درجة الصائم القائم» (2) وقال صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن عمرو: «أربع إذا كن فيك فما عليك ما فاتك من الدنيا: حفظُ أمانةٍ، وصدق حديث، وحسن خليقة، وعفة في طعمة» (3) وبهذا يحصل المسلم على جوامع الخيرات والبركات، قال صلى الله عليه وسلم: «البر حسن الخلق» (4).
5 - الخلق الحسن هو وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى جميع المسلمين، وخاصة الدعاة، فقد أوصى به صلى الله عليه وسلم معاذ بن جبل حينما بعثه إلى اليمن واليًا، وقاضيًا، وداعيًا إلى الله

فقال له: «. . . وخالق الناس بخلق حسن» (1).
6 - الخلق الحسن ذو أهمية بالغة؛ لأن الله عز وجل أمر به نبيه الكريم، وأثنى عليه به، وعظم شأنه الرسول الأمين صلى الله عليه وسلم. قال عز وجل: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} [الأعراف: 199]، وقال سبحانه وتعالى: {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم: 4]، وقال عليه الصلاة والسلام: «إنما بعثتُ لِأُتمِّمَ مكارم الأخلاق» (2) وسئلت عائشة رضي الله عنها عن خلقه صلى الله عليه وسلم فقالت: «. . . فإن خلق نبيكم صلى الله عليه وسلم كان القرآن» (3).
7 - الخلق الحسن من أعظم الأساليب التي تجذب

الناس إلى الإسلام، والهداية، والاستقامة؛ ولهذا من تتبع سيرة المصطفى عليه الصلاة والسلام وجد أنه كان يلازم الخلق الحسن في سائر أحواله وخاصة في دعوته إلى الله تعالى، فأقبل الناس ودخلوا في دين الله أفواجًا بفضل الله تعالى ثم بفضل حسن خلقه صلى الله عليه وسلم، فكم دخل في الإسلام بسبب خلقه العظيم، فهذا يسلم ويقول: «والله ما كان على الأرض وجه أبغض إليَّ من وجهك فقد أصبح وجهك أحب الوجوه كلها إليَّ» (1) وذاك يقول: «اللهم ارحمني ومحمدًا ولا ترحم معنا أحدًا» (2) تأثر بعفو النبي صلى الله عليه وسلم ولم يتركه على تحجيره رحمة الله التي وسعت كل شيء، بل قال له: «لقد تحجرت واسعًا»، والآخر يقول: «فبأبي هو وأمي ما رأيت معلمًا قبله ولا بعده أحسن تعليمًا منه» (3) والرابع يقول: «يا قومي أسلموا فإن محمدًا يعطي

عطاءً لا يخشى الفاقة» (1) والخامس يقول: «والله لقد أعطاني رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أعطاني وإنه لأبغض الناس إليَّ، فما برح يعطيني حتى إنه لأحب الناس إليَّ» (2))، والسادس يقول: بعد عفو النبي صلى الله عليه وسلم عنه (3) «جئتكم من عند خير الناس»، ثم يدعو قومه للإسلام فأسلم منهم خلق كثير (4). وهناك أمثلة كثيرة جدًا.
8 - الخلق الحسن هو أمنية كل مسلم وكل داعية مخلص خاصة؛ لأنه بذلك ينجو ويفوز وينجح في جميع أموره الخاصة والعامة؛ ولهذه الأهمية كان صلى الله عليه وسلم يدعو ربه أن يهديه للخلق الحسن، فكان صلى الله عليه وسلم يقول في استفتاحه لصلاة الليل: «واهدني لأحسن الأخلاق، لا يهدي لأحسنها إلا أنت. . .» (5) وكان يقول: «اللهم كما أحسنت

خَلْقي فحسِّن خُلُقي» (1).
9 - الخلق الحسن يُحبب صاحبه إلى الناس جميعًا حتى أعدائه، ويتمكن بذلك من إرضاء الناس على اختلاف طبقاتهم، وكل من جالسه أو خالطه أحبه، وبهذا يسهل على الداعية إدراك مطالبه السامية بإذن الله تعالى؛ لأن الدعاة إلى الله عز وجل لا يسعون الناس بأموالهم ولكن ببسط الوجه وحسن الخلق.
10 - إن من لم يتخلق بالخلق الحسن من الدعاة ينفر الناس من دعوته، ولا يستفيدون من علمه وخبرته؛ لأن من طبائع الناس أنهم لا يقبلون ممن يستطيل عليهم أو يبدو منه احتقارهم، واستصغارهم، ولو كان ما يقوله حقًا.
قال عز وجل للنبي الكريم صلى الله عليه وسلم: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا

مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ} [آل عمران: 159]، وقال عز وجل: {وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [الشعراء: 215]، وقال عز وجل مُمْتَنًّا على عباده: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} [التوبة: 128]، وقال تعالى: {لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ} [آل عمران: 164] الآية، وقال: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} [الأنبياء: 107]، وقال: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ

رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ} [الفتح: 29]، وقال تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا - وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا - وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ فَضْلًا كَبِيرًا} [الأحزاب: 45 - 47]، ولا شك أنه يتعين على كل داعية أن يتخذه عليه الصلاة والسلام قدوة وإمامًا لقوله تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} [الأحزاب: 21].
11 - إن صلاح الأمة وهدايتها والنهوض بها لا يكون سليمًا نقيًا إلا بالأخذ من المنبع الصافي، والبعد عن الأفكار الهدامة المنحرفة، والتزام الدعاة إلى الله تعالى بالخلق الحسن ودعوة الناس إليه هو من هذا المنبع، وتطبيق ذلك على أنفسهم، قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ

آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ - كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ} [الصف: 2 - 3]؛ ولهذا أمر الله بالعلم قبل العمل، وبالعمل قبل الدعوة إليه، فقال تعالى: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ} [محمد: 19] الآية، وقال: {وَالْعَصْرِ - إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ - إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} [العصر: 1 - 3] فقدم العمل قبل الدعوة إلى الحق.


 

bottom of page